الفنون في زماننا تخوض معركة ضاربة ضدّ التقاليد الفنية التي ثبتتها مواهب عباقرة فناني العصر الإغريقي، بحضارته القائمة على مفهوم الجمال، والانسجام اللذين يخضعان للمقاييس الرياضية الهندسية والنظريات الفلسفية المؤمنة بالمثل الأعلى الكامل، والثابت، والأبدي، والمقدس الذي لا يطاله شكّ ولا نقد. ومنذ مطلع القرن العشربن أصبحت الثورة هي الحالة المستمرة التي تعيشها الفنون لاسيما التشكيلية منها، وهذه المعركة ما تزال غير محسومة حتى اليوم، ويصعب، على أابناء جيلنا الذين عاشوا في القرن العشرين وباشر القرن الحادي والعشرين أن يفهموا حدة الصراع الذي تفجر بين أبطال تلك الثورة من جهة، والمهيمنين على الفكر النقدي والفلسفي، في ذلك الحين من جهة أخرى